Subscribe Us

header ads

الثورات العربية أعادت صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع

أكد الدكتور جمال عبدالجواد، مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بجريدة الأهرام، أن موجة التغيرات الجارية بالعالم العربي تعد أعمق موجة تغيير تشهدها المنطقة منذ التغييرات الثورية في النصف الثاني من الخمسينيات، ونتج عنها إعادة صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع، حيث تمتعت الدولة العربية والنخب الحاكمة بموقع مسيطر على المجتمع.
الثورات العربية

قال عبد الجواد كلمة، ألقاها في ندوة عقدت الليلة الماضية تحت عنوان "الثورات العربية والتحول الديمقراطي.. دروس من التجربة التركية" في إطار منتدى الحوار العربي الألماني بمقر جريدة الأهرام: إن هذه التغييرات تعيد ميزان القوى بين الدولة العربية والمجتمع لصالح الأخير، مشيرًا إلى أن الانتفاضات الجماهيرية في مصر وتونس أطاحت بنظم حكم. الأمر الذي أتاح للقوى المجتمعية نفوذا هائلا غير مسبوق في تقرير مستقبل البلاد.

وأضاف أن ما حدث في مصر وتونس يرشحهما للدخول في مرحلة انتقال سياسي سلمي طويل يشوبه عدم الاستقرار، ويحدث فيه الإصلاح الديمقراطي على مراحل وعبر صراع وجدل متواصل، بينما هناك دول عربية أخرى مثل المغرب والأردن والجزائر أطلقت الموجة الثورية احتجاجات جماهيرية لم تكن كافية لإسقاط نظم الحكم، لكن كانت كافية لإجبار نخب الحكم على إدخال إصلاحات جوهرية على آليات الحكم.
وهناك مجموعة ثالثة من الدول العربية ستمر بأزمات عميقة إثر موجة التغيرات الثورية الراهنة وهى البلاد التي تلجأ للعنف لإحداث التغيير الثوري أو لمنعه، وتقدم التطورات في كل من ليبيا واليمن وسوريا نماذج لهذا، ومن المرجح أن العنف الذي بدأ في هذه البلاد لن ينتهي قريبا.
وأشار إلى أن تلك البلاد لديها فرصة لبناء نظام سياسي توافقي يتمتع بقدر من الفاعلية، موضحًا أن التطورات المحتملة تشمل التوصل لحلول وسط بين قوى اجتماعية وسياسية متعددة لخلق نظم سياسية جديدة تتسم بالهشاشة لفترة ممتدة أو حدوث انقلابات عسكرية تحاول أن تكون مخرجا لأزمة نخب الحكم أو حالة من الصراع الأهلي وهو ما يحدث في اليمن وليبيا أو صراعات أهلية ممتدة وتفكك الدولة.
قال مدير مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية: إن لبنان التي ارتبطت بمسارات هذه الصراعات الإقليمية على مدار الأربعة عقود الأخيرة مرشحة بدرجة أكبر لدفع ثمن حالة الاضطراب العميق التي تمر بها المنطقة خاصة ما يحدث في سوريا.
وأفاد بأن الاضطرابات الحالية تؤدي إلى زيادة دور العسكريين العرب في شئون السياسية والحكم في بلاد مختلفة، وقد يحدث هذا بسبب زيادة اعتماد نخب عربية في صمود حكمها ومواجهة التحديات على المؤسسات الأمنية والعسكرية لضمان بقائها، مشيرا إلى صعود التيارات الإسلامية وانتهاء مرحلة طويلة سادت فيها سياسات استبعاد الإسلاميين، وأن فتح الباب أمام هذه القوى لن يكون مجرد إضافة حزب سياسي ولكنه سيشمل صياغة جذرية لمفاهيم الدولة والمجتمع.
وأكد أنه من الخطأ الكبير تصور أن تراجع الاهتمام بقضايا السياسة الخارجية خاصة قضية فلسطين سيدوم طويلا، موضحا أن الأوضاع غير المستقرة ستجعل الدول العربية أكثر عرضة للتأثر بمجريات الصراع في فلسطين، وأن الدول العربية التي نجحت خلال العقود الماضية في عزل نفسها عن تطورات الصراع لن تكون قادرة على القيام بذلك في المستقبل.
وأشار إلى أن التغييرات الجارية في العالم العربي ستؤدي إلى تراجع نفوذ إيران في المنطقة بعد أن تم حرمانها من فرصة المزايدة على أنظمة الاعتدال العربي خاصة مصر وبسبب تراجع الاهتمام بالصراع العربي الإسرائيلي والذي أجادت إيران استخدامه لتوسيع نطاق نفوذها في المنطقة وبسبب الصعوبات التي تواجه سوريا .. مضيفا أن الدور التركي في منطقة المشرق العربي مرشح للتزايد خاصة إذا شهد الوضع في سوريا مزيدا من التدهور.
من جانبه، قال رئيس مركز ابن رشد المغاربي الأوروبي بتونس الدكتور كمال بن يونس إن التحديات التي تواجه تونس تتضمن وجود بعض أنظمة عربية لها أجندات خاصة، تأثير العنصر الخارجي، اعتماد تونس في مواردها بشكل مباشر وغير مباشر على ليبيا، خسارة العوائد السياحية .. فضلا عن وجود 400 ألف لاجىء بسبب الأزمة في ليبيا التي تزيد من عبء الأسر التونسية التي تستضيفهم.
وأعرب عن قلقه من إمكانية تقسيم ليبيا إلى دولتين أو ثلاثة من أجل إضعاف المنطقة والسيطرة على النفط الليبي .. مؤكدا حرص الغرب على إنجاح التجربة الديمقراطية في تونس لتكون نموذجًا للدول الآخرى، وأشار في هذا الصدد إلى تزايد الاهتمام الأمريكي والأوروبي بتونس وشمال إفريقيا اقتصاديا.
وقال: إن تونس تواجه تحديات اقتصادية تتمثل في تحقيق نمو سلبي ما بين ناقص 1 إلى ناقص 2 بعد أن حققت نموا بلغ 6% وهذا يؤثر على الدعم الذي تقدمه الحكومة التونسية على المواد الغذائية والمحروقات وتحتاج ما بين 2 إلى 3 مليارات دولار لبناء المؤسسات التي تم حرقها خلال الثورة والتعامل مع أزمة البطالة التي ارتفعت من 500 ألف إلى 720 ألفا، ومن المتوقع أن تصل إلى مليون عاطل بسبب تراجع السياحة، وشدد على ضرورة إصلاح المؤسسة الأمنية في البلاد .. مؤكدا أهمية دور الإعلام الذي يحصل على تمويل خارجي.
من ناحيته، قال الدكتور فولكير بيرتيس من المعهد الألماني للشئون الدولية والأمنية إن الثورات في العالم العربي تعد ثورات محلية، ولكن لها أبعادًا إقليمية .. مشيرا إلى وجود أربع مجموعات من الدول العربية وهى الدول التي يمكن أن تدخل العالم الديمقراطي مثل مصر وتونس لبنان، والدول التي يمكن أن تتبنى إصلاحات ليكون هناك تمثيل أكثر وتعددية مثل المغرب والجزائر والعراق والأردن، والدول التي تتعرض أنظمتها للتهديد وتقف ضد التغيير وستشهد استمرارا لأعمال العنف على نطاق واسع فيها يؤدي إلى الانقسام والتهميش مثل البحرين وليبيا واليمن وسوريا .. بينما المجموعة الرابعة هى الدول الغنية بالموارد التي يمكن أن تتبنى الإصلاحات وتحسين نظم الحكم من خلال تمثيل أكبر للأطراف الآخرى وهى السعودية والإمارات وسلطنة عمان.
وأوضح أن هذه الدول لابد أن يتعلموا مما يحدث في ليبيا ليتجنبوا نفس المصير .. مؤكدا أهمية التغيير الذي يحدث في مصر والتي تعد بوصلة في الشرق الأوسط بسبب الدور الكبير الذي تلعبه فيه.
وتوقع تراجع الاهتمام الدولي بإيران، وقال "على إسرائيل التي حققت سلاما مع الأنظمة الاستبدادية أن تعقد سلاما مع الفلسطينيين وإلا ستتعرض شرعيتها للتهديد".
وأكد شيتفان لانتسينجر، مدير مركز المعلومات الألماني وإدارة الإعلام بالسفارة الألمانية بالقاهرة، أن مصر وتونس لهما فرصة أفضل للقيام بعملية تحول ديمقراطي ناجح يمكن أن يكون مثالا للدول الآخرى في المنطقة .. موضحًا أن ألمانيا أعلنت دعمها لهذا التحول بما يقدر بنحو 150 مليون يورو حتى عام 2013.
وأضاف أن ألمانيا تساهم في مشروعات تهدف إلى تعزيز الحوار الديمقراطي وحقوق الإنسان وتعزيز العمل المهني الحر لوسائل الإعلام، فضلا عما يقدمه الاتحاد الأوروبي لدعم سريع للتحول الديمقراطي في العالم العربي .. مؤكدا أن بلاده شريك جديد لمستقبل أفضل في المنطقة.

إرسال تعليق

0 تعليقات