Subscribe Us

header ads

نسائم الحرية تهب على قنوات التلفزة المغربية على وقع حركة 20 فبراير

اعتبر مراقبون إعلاميون أن القنوات التلفزية بالمغرب فتحت في الفترة الأخيرة صفحة جديدة، ببثها لبرامج سياسية وحوارية تضمنت جرعات واضحة من الحرية والجرأة، سواء على مستوى المضامين أو من حيث نوعية الضيوف المدعوين لهذه البرامج.

ورأى هؤلاء أن رياح الحرية التي بدأت تهب على بعض برامج التلفزيون العمومي بالبلاد، وكانت مُغيّبة من قبل بسبب الإفراط في الحذر والرقابة الذاتية، هي نتيجة لما عرفه المغرب من حراك سياسي لافت بعد مسيرات حركة 20 فبراير، وأيضاً بسبب ما شهدته المنطقة العربية من ثورات شعبية.

وجدير بالذكر أن مسؤولين في قطاع التلفزة طالبوا أخيراً مدراء القنوات التلفزيونية بالانخراط في مسلسل الإصلاحات التي يعتزم المغرب إطلاقها، وإعطاء الفرصة للشباب خاصة للتعبير عن واقعه وطموحاته بعيداً عن الخطوط الحمراء.

لغة جديدة

وقدمت القناتان التلفزيتان الأولى والثانية، خاصة بعد التظاهرات والمسيرات الاحتجاجية لشباب حركة 20 فبراير، برامج سياسية اتسمت بنوع من الجرأة غير المعهودة، حيث ناقشت مواضيع وقضايا ترتبط بما يعرفه المغرب حالياً من حركية سياسية دؤوبة تسعى إلى الإصلاح الجذري في البلاد.

وفي هذا السياق، عرفت إحدى الحلقات الأخيرة من برنامج "مباشرة معكم" الذي تبثه القناة الثانية ويقدمه الإعلامي "جامع كلحسن" نقاشاً سياسياً ساخناً شارك فيه ضيوف يحضر بعضهم لأول مرة في برنامج تلفزيوني لقناة عمومية.

وأثارت الحلقة، التي خُصصت للإصلاح الدستوري ومداخل التغيير في البلاد، الكثير من الجدل بسبب مطالبة أحد ضيوف الحلقة، وهو الناشط الحقوقي عبدالحميد أمين، بإلغاء بعض الطقوس الملكية القديمة، من قبيل تقبيل اليد والانحناء الكامل أمام الملك، دون أن تكون هذه التصرفات مفروضة على أي أحد.

وفضلاً عن حضور بعض شباب حركة 20 فبراير لفعاليات الحلقة ذاتها، اتسم البرنامج المذكور برواج لغة جديدة بعيدة عن لغة الخشب المعهودة في حديث بعض المسؤولين الرسميين، حيث سادت الإثارة وكانت الفرجة مضمونة بفضل السجالات الحية التي دارت بين ضيوف البرنامج.

تلفزيون مختلف

وفي هذا السياق، يرى الإعلامي جامع كلحسن، معد ومنشط البرنامج، أن مواكبة الأحداث الجارية في البلاد على جميع الأصعدة هو من صميم عمل الإعلامي والصحفي، ومطلوب إبرازه وتقديمها للجمهور في البرامج السياسية في التلفزة.

واعتبر كلحسن أن بعض مواضيع البرنامج ونوعية الضيوف أحياناً هي التي تتيح جرعة الجرأة التي يحبذها الجمهور، كونها تتيح له التعرف على مختلف الآراء وتخلق دينامية وإثارة ومتابعة أكبر.

ومن جهتها، دشنت القناة الأولى عهدها الجديد ببرنامج "قضايا وآراء"، الذي يقدمه الإعلامي عبدالرحمن العدوي، حيث تناول في حلقته الأولى موضوع البطالة وهي أحد أخطر القضايا التي تؤرق بال الشباب المغربي.

وكان التوجه واضحاً بتأكيد العدوي منذ البدء على أن المطلوب في البرنامج هو الحديث بشفافية وجرأة دون اتخاذ الخطوط الحمراء ذريعة لعدم تقديم الحقيقة أمام الجمهور، بغية فتح حوار حقيقي وجدي مع فئة الشباب خاصة.

واعتبر الصحفي جمال خنوسي أن ما تم تقديمه في هذه البرامج يعد خطوة نحو تلفزيون مختلف يتصف بالرغبة في التغيير، والقطع مع الأساليب السابقة الرديئة في الإعلام.

سياقات التحول

ويعلق توفيق ناديري، الإعلامي المختص في الشأن التلفزيوني، على هذه التحولات بأن القنوات المغربية شهدت العديد من التحولات الجذرية في التعاطي من القضايا الاجتماعية والسياسية، انطلقت بتغطية الاحتجاجات التي عرفها المغرب في الشهور الأخيرة، وتكرست في خلق برامج جديدة تنفتح على الشباب، فضلاً عن إحداث تغييرات في قسم أخبار القناة الرسمية الأولى تماشياً مع ما أعلن عن بداية الورش الإصلاحي.

وقال ناديري إن هذا التحول، بصرف النظر عن قيمته التي اختلف حولها، لا يمكن عزله عن عدة سياقات، أولها أن الإعلام العربي شهد بالتوازي مع الثورات الشعبية تغييرات شملت تغيير المسؤولين في التلفزيون المصري، وعدم تعيين وزير للإعلام في انتظار البث في أمر إلغاء الوزارة سيراً على خطى التجارب الغربية، زيادة على إلغاء وزارة الإعلام في الحكومة التونسية الجديدة.

وثاني المعطيات، بحسب ناديري، يكمن في أن خطاب ملك المغرب محمد السادس ألمح إلى استقلالية الإعلام وترسيخ حرية التعبير وإدماج الشباب، فكان طبيعياً أن يجد ذلك تجليه في التحولات البطيئة التي عرفها تعاطي التلفزيون المغربي مع المطالب الشبابية المطالبة بالتغيير.

وتابع المتحدث: لتأكيد هذا التوجه، اجتمع رئيس مجموعة القنوات العمومية المغربية فيصل العرايشي مع كل المدراء، وطالبهم بضرورة الانخراط في الإصلاحات ومنح الشعب والشباب بصفة خاصة الأولوية، والقطع مع ثقافة الوصايات والخطوط الحمراء والتعليمات.

إرسال تعليق

0 تعليقات